كتاب ما لا يقال حوار بين غرباء في عزلة – دانة فيصل مدوه

منذ أسبوعين

حسنًا، إليك ما جرى. كلَّما غلبني همِّي، في تلك اللَّيالي، تناولتُ هاتفي وتركتُ لآلافِ الغُرباء نداءً خافتًا يَشي بوحدتي: “خنسولف كانَ ندائي يعتلي مُجديةً بيضاءَ، في شاشةٍ تطلُّ على العَتمة ولا يطلُّ منها شخص منٌ، أشبه ببئرٍ معطَّلة؛ قعرُها ملاذي. كنتُ أقبع ثمة راجيةً، منتظرةً، أترقَّبُ هبوطَ الدِّلاء؛ وأتحيَّنُ تحلُّقَ أصحابها بخصوص فم البئرِ.سترتَطمُ الدِّلاءُ – آنَ هبوطِها – يسير منُها ببعضٍ، وتمطرُني بأسئلةٍ أجهلُ سائليها. كنا في تلك العَتمة متشابهينَ، سواسيةً في غياهب التِّيه. غريبةٌ هي أُلفةُ الحائرينَ، ليس لها حجةٌ ومطمئنةٌ. أجبتُ – من عمق البئرِ – على مبالغة عن ألف سؤالٍ. أجبتُ على أسئلةٍ وُلِدتْ في مخاضٍ صامتٍ، قرأتُها مرارًا فاستعارتْ صوتي واستحالتْ أسئلتي. أسئلة متذبذبة كان نتاجها عصريًا متشظِّيًا عصيًّا على الانضباط، يُشبه الأفكارَ المتسارعةَ لعقلٍ يتوقُ إلى الراحة… ويأبى السُّكونَ