كتاب نساء من زمن آخر – يحانث ماء العينين

منذ 3 أسابيع

كتاب نساء من زمن آخر – يحانث ماء العينين

إذا كان الحب قد صادفك يوما، فهذا الكتاب، سوف يعيده حيا. فاذا كان الفقد هو العاقبة، فهذا الكتاب سوف يُبكيك. إلا أنه في غير مشابه الأحوال سوف يجعل منك إنسانا مختلفا. كل أحوال الحب، وكل عذاباته، وأوجاعه ومفارقاته، تجمعت هنا، لتجسد حشدا، صارم الوقع، عميق الأثر، من المشاعر التي يكابدها المحبون. إنه آية من آيات العشق والجمال. إلا أنه في الوقت نفسه آية من آيات المرارة ايضا.

حتى حالا روايتها الأولى “جراح مغتربة” (صدرت عن دار الفارابي – بيروت، عام 2014)، اختارت يحانث ماء العينين، أن تتيح خلاصة للمختلف والمتضارب من تقلبات النفس والأحاسيس، في سطور تعمدت الإيجاز، لتتعمد المعنى الغريب والمفاجئ والمفارق، حتى لكأنه هو المعنى الحقيقي للحياة.

لقد صنعت هذه الأديبة من هذا الجهد ما ربما أن يجعله كتاب حب أول، يناظر أجمل ما عرفته اللغة العربية من شعر الغرام. حتى أنك سوف تعثر على الكثير من الشعر السري فيه، وكأنها اختارت أن تكتنزه. إلا أنه كتاب حياة، ارتسمت فيه العدد الكبير من سمات الوجود الآدمي، لكي يرسم خارطة لأكثر جذور الأحاسيس عمقا. تسربت يحانث الى ثمة لتسبر الغور في أعذبه وأحلاه، ولكن في أكثره عذابا وإثارة للكرب أيضاًًً. وليس للحب مظهر شخص، ولذا مثلما أنه ليس، بالضرورة، رجلا بصدد لكل امرأة ولا امرأة بخصوص لكل رجل. فثمة الكثير، في هذه الحياة، ما يجعل الحب مقال وجود أوسع. انهزم تمثل هنا، بأفضل ما يمكن للتجسيد أن يتحقق.

وهو كتاب، حتى وإن لم يوميء إلى الشعر، من حيث قوالبه، إلا أنه يمنح دلالة حية، نافرة ومستنفرة، على كل ما يمكن للنثر أن يصل إليه من بلاغة المعنى وشاعريته. وأنت تجد ذلك الكتاب، ليس سوى اسأل الله تعالى أن يجعلك تقرأه قبل فوات الأوان. فاذا فات، فانه سوف يُبكيك. ولكنك لن تخرج منه كما كنت. على الأرجح بأي حال من الأوضاع.